
في مشهد لا يليق بتاريخ ولا اسم وفاق سطيف، يتهاوى النادي الذي كان رمزًا للفخر الجزائري على الساحة القارية، ويقبع اليوم في المركز السادس في ترتيب الرابطة الأولى المحترفة لموسم 2024/2025، بعد أن سُجّلت خمس هزائم متتالية، في رقم سلبي غير مسبوق بتاريخ النادي. هذا الانهيار المدوي ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة تسيير كارثي ومرتبك من قبل الشركة المالكة، سونلغاز، التي تخلّت عن منطق الكفاءة والروح الرياضية، وارتكبت أخطاء قاتلة في اختيار المسيرين واللاعبين، دون أي اعتبار لتاريخ ومكانة “النسر الأسود”.
هل يُعقل أن يتم الاستغناء عن مسيرين كتبوا اسم الوفاق بحروف من ذهب؟ هل من المنطق إقصاء من صنعوا أمجاد الفريق ووضع دفة القيادة بيد أشخاص لا يملكون لا التاريخ ولا الكفاءة؟ في الوقت الذي تُسند فيه مهمة إنقاذ سفينة الوفاق إلى من لا يجيدون حتى قراءة البوصلة، يتفرج أنصار الفريق في حسرة على فريقهم وهو يغرق في بحر من الارتجال واللامبالاة.
نحن الآن في فترة الانتقالات الصيفية، وهذه آخر فرصة حقيقية أمام الشركة المالكة لتدارك أخطاء موسمين كاملين من الفوضى والانحدار. لا مجال للخطأ بعد اليوم، فالخسائر المتراكمة ليست فقط على مستوى النتائج، بل امتدت لتضرب العمق المعنوي والجماهيري للنادي.
على شركة سونلغاز أن تعي أن كرة القدم لا تُدار بعقلية المكاتب المغلقة والتقارير البيروقراطية. عليها أن تفتح قنوات الحوار والتفاوض مع أبناء النادي الحقيقيين، مع من صنعوا مجده ورفعوا رايته قارياً، دون الحاجة إلى ذكر الأسماء، فهم معروفون في الساحة الكروية، ولهم رصيد ناصع لا يُنكر. العودة إلى هؤلاء ليست تراجعًا، بل خطوة شجاعة لإنقاذ ما تبقّى من كرامة النادي.
وفاق سطيف ليس مجرد فريق، بل هو رمز، هوية، وتاريخ.. النادي الوحيد في الجزائر الذي فاز بكأس رابطة الأبطال الإفريقية في نسختها الجديدة عام 2014، ومثّل البلاد في الموندياليتو، وكتب أمجادًا لا تمحى من ذاكرة الجماهير.
أما الاستمرار في هذا النهج العشوائي، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من الإهانة والانهيار، وقد لا يجد الوفاق من ينقذه لاحقًا إن استمر الصمت، وغابت الجرأة في اتخاذ القرارات.
رسالة أخيرة: على سونلغاز التفكير ملياً فيما هو قادم وأن تبتعد على طريقة التسيير السابقة وتضع كل من له علاقة بهذا النادي في موضعه الصحيح، غير ذلك سنبقى ندور في نفس الرواق البائس الذي نحن فيه.